السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
افتحوا النوافذ.. جددوا
الهواء.. أعطوا لأنفسكم الفرصة للنظر إلى ما حولنا من إيجابيات، وافتحوا عيونكم على
اتساعها للنظر إلى وثبات الحق هنا وهناك. إنني أرى جيلاً مسلماً يعرف ما له وما
عليه. أذكر أن النساء في بعض البلاد الإسلامية كن يصلين ويصمن ويعبدن الله سافرات
متبرجات آخذات كامل زينتهن وهن متوجهات إلى العمل أو إلى الأسواق وشؤون الحياة
كافة، ولم يشعرن لحظة أنهن مقصرات ظالمات لأنفسهن! كانت صورة الحجاب منكرة، بل كانت
تواجه المحجبة ـ على ندرة وجودها ـ بالكثير من الاتهامات، كأن يقال إنها صلعاء أو
إن شعرها "أكرت"!! هذا ما كان يحدث بالفعل، وعندما سئل أستاذ التاريخ الإسلامي
المشهور: لماذا لا ترتدي ابنته المذيعة الجميلة (س) الحجاب؟ أجاب: الذين يطالبنها
بالحجاب شعرهن "أكرت". وضحك وضحك الطلاب.
بعدها بسنوات رأينا ورأى الجميع
عاصفة الإطاحة بالمذيعات الحسناوات ذوات الشعر الجميل؛ لأنهن ارتدين
الحجاب!!
اليوم تشاهدون وأشاهد ويشاهد الجميع مدى الإقبال على الدين.. إقبال
الراغب في المعرفة، المتذوق لحلاوة الطاعة، لا إقبال السائر مع
القطيع!
والفرصة في هذا الزمن مواتية أكثر من أي زمن مضى. نحن الآن ـ هذا
رأيي ـ في منتصف الطريق. الباطل يلملم أثوابه محدثاً جلبة وضجيجاً، والحق مقبل
مستبشراً باسماً. لماذا نحبس أنفسنا داخل جدران وهمية، ونمنعها من الهواء النقي؟ ما
أعجبنا والله.. هل أدمنا البحث عن المشاجب التي نعلق عليها خيباتنا، هل أدمنا أن
ننفعل ولا نفعل.. أن نتأثر ولا نؤثر؟!!
ما المطلوب إذن؟ ألا نغضب أبداً؟!..
لا.. فالواجب علينا أن نغضب الغضب الإيجابي الذي نتمكن معه من تقدير الأمور ووضعها
في حجمها الصحيح، الغضب الإيجابي الذي يمدنا بالطاقة والحيوية ويدفعنا لمواجهة
المشاق في طريق إعلاء الحق، هذا ما يجدر بنا أن نفعله جمعياً؛ لأنه علامة صحة
وإيجابية في التعامل مع الأحداث.. أكثرنا غضب وأسرف في الغضب الأهوج الذي مكن
الأعداء من افتراسنا في الزحام أو الظلام! يجب أن نتجاوز هذا المرحلة إلى مرحلة
الغضب المدروس، الذي سينبهنا حتماً إلى حقيقة جميلة، تستقر في أنفسنا ونسير بها في
مواجهة الأخطار، هي أن الزمن معنا، وأننا أمة موعودة بنصر الله والتمكين إن هي
تصالحت مع نفسها وأرضت ربها والناس.. إنني غير منزعج أبداً؛ فالذي يحدث هو سنة
التدافع، الحق بدأ طريقه في العلو، وكل ما نراه الآن ما هو إلا ضجيج الباطل الذي لن
يسفر عن شيء؛ فإن الباطل ساعة، والحق إلى قيام الساعة.
هل أسوق الأماني
وأركب الخيال الجامح؟ أبداً والله.. فانظروا معي ـ لتروا واقعية ما أقول ـ إلى أكثر
البرامج التي تذاع في الفضائيات الآن، ستجدون أكثر الضيوف والمضيفين أصبحوا يتمسحون
في الإسلام. نحن لا نشق عن النوايا، ومعاذ الله أن نفعل، لكنني أرى في هذا أمراً
أكبر من مجرد اتهام هؤلاء أو هؤلاء.. أرى ذلك علامة صحة تصب في صالح أمتنا.
أحد الصحفيين ـ الذين لديهم شبهة يسار ـ يقدم برنامجاً في إحدى الفضائيات
يتحدث فيه عن الإسلام وعدالة الإسلام، وكيف أضاء المسلمون الدنيا من بعد طول ظلام،
من وجهة نظر لا تخلو من غبش في كثير من الأحيان، لكن المهم أن الجميع أصبح الآن
يتحدث عن الإسلام! وهذا يذكرني بحال بعض العلماء في أوائل القرن الماضي حينما كانوا
يتحدثون عن الغرب بانبهار، ليقدموه لنا على أنه نموذج يحتذى في الحياة! انقلبت
الصورة اليوم. بل إن أشد ما يثير تفاؤلي هو وجود هذا الإقبال على الدين من قبل شباب
نراهم يتحدثون بالليل وبالنهار على الشاشات بعاطفة صادقة وعزيمة لا بأس
بها.
رأيت أحد الممثلين الشبان الذي قدم من أسرة فنية، فأبوه فنان مشهور
وأمه فنانة مشهورة أيضاً؛ رأيت هذا الشاب وهو يتحدث مع مقدم البرنامج بالآية
والحديث، ورأيته أيضاً يخبر المقدم بأنه لا يشاهد أفلام "هند رستم" سيدة الإغراء في
السينما العربية، وأنه لا تعجبه أفلام "سعاد حسني"، وعندما سأله المقدم مندهشاً:
لماذا؟ قال ضاحكاً: لا أعرفهما!!
ألا ترون معي أن كل هذا يدعونا إلى
التفاؤل، وأن نحدد مشروعاً خاصاً بنا نحب أن نلقى الله به؛ لنقول: يا رب هذا ما
قدمناه من أجل دينك، فارحمنا واغفر لنا؟